ملتيمديا

خليجي 25 في البصرة على الرحب والسعة

ما لايقبل الشك ان العراق كان ساعيا وأعلن عن رغبته باستضافة بطولة الخليج ما بعد 2003 ومد جسور علاقات اخوية، ليطوي أهم صفحة سوداء في تاريخه بعد احتلال الكويت عام 2003، وما لا يقبل الشك كان هناك نفور خليجي كبير من العراق، له جذور صعب تجاوزها، من مسالة احتلال الكويت وموقف النظام السابق من دولهم، ثم تهديد باقي دول الخليج، وحرب مباشرة وقصف للرياض بصواريخ بالستية وابعاد للعراق كليا عن المنظومة العربية والخليجية.

للاسف، ما بعد الـ 2003 استمرت دول الخليج للنظر للعراق بنظرة متطرفة، ذات بعد ديني، متناسين ان سبب الفرقة قد انتهى، وهو ما تسبب بسيل من استهدافات للعراقيين من تصريحات طائفية ومحاولة عزل للعراق وتنسيبه كليا الى ايران، واستهداف لشعبه بانتحاريين و مفخخات وخطب دينية، وهو ما هدد وحدة اراضيه وشعبه بشكل كبير.

للتاريخ، هنا راهن العراقيين على صبرهم واستيعاب الأزمة وتحويلها الى علاقات ودية وكانت المرجعية تردد دوما ان لاتردوا حتى لو قتل نصف الشعب فالصبر مفتاح الفرج.

وعقدت بغداد قمة عربية كان الخليجيين افضل المدعوين فيها في عام 2006، تلته حرب طائفية طاحنة اثر مواقف كثير من الدول، خرج للعراق منها منتصرا، ثم حرب تحرير أراضيه من قبضة داعش، التي للاسف لايمكن تبرئة دول هامة كانت تصريحاتها ومواففها سببا في تحشيد مجتمعات كاملة ضد العراق.

وصبر العراق توج بتقبل لاحق خليجي وتغيرت المعادلة جذريا الى ود ثم جسور محبة خاصة وأنهم ادركوا سلمية العراق وقدرته للدفاع عن أراضيه ومنعه المساس بسلمه الأهلي وانتصاره على داعش وقبلها القاعدة، مقابل مد يده للسلم، وقياداته لمفاوضات سلام بين المخالفين في المنطقة خاصة دول الخليج وإيران ومن جهة اخرى علاقته مع تركيا وربطها بعلاقته مع السعودية وهي صانعة القرار العربي.

المتغير ان دول الخليج تقبلت وضع العراق ولو بتدرج وأصبحت زيارة الاخوة والاشقاء دول الخليج إلى البصرة وبغداد ذات طابع تقبلي ورشاهم أصبح واضحا، وفتح صفحة جديدة، وبدأنا نلمس التغيرات الايجابية منذ عام 2018، لتتغير اختلافاتنا الى مفاوضات ومحادثات وأصبحت بغداد مدينة للقاء الفرقاء من الدول خاصة السعودية وإيران بعد أن كانت مسرحاً لعملياتهم.

قرار الأمس باختيار البصرة لتكون محط لدورة الخليجي 25 هو ربح للعراق اولا ولدول الخليج ثانيا كونه يدفع بالعراق لاحضان اشقائه على أسس من العلاقات الصحيحة وهم مرحبين به مجددا، وهو كسب للبصرة بالذات لزيادة إمكانياتها الاقتصادية والعمرانية والسياحية والسياسية.

بالتأكيد للأسف نرى بعض اقلام الشركاء تطعن بقدرة العراق والبصرة بالذات لتنظيمها وبعضهم كانوا وزراء سابقين تفاجئنا بموقفهم، ولا نستطيع الا ان نقول ان موقفهم يمتد من غيرة وحسد سياسي لا اكثر، وهو لايضر كثيرا، وضرره محدود عليهم فقط، مع بروز العراق والبصرة محط للعرب والعروبة في افضل محفل كروي ودي بينهم، والتي ستكون مفتاح لحل كثير من الخلافات.

نتمنى السلام في الشرق الاوسط ككل، كما نأمل أن يكون فاتحة خير للبلاد و لدول الخليج جميعا واخر كلماتي اننا اشقاء تربطنا العروبة والأخوة و الجغرافية والدين والتاريخ المشترك وما يفرقنا بضعة تصريحات واقلام لا نجد الا ان نضع لها حد ونشيد بتقبلكم لنا كما نشيد بتقبل شعبنا العريق بكم اخوة واشقاء بمصير مشترك.

وبالنهاية علينا ان نفتح صفحة جديدة وننسى الماضي ونوقف النبش فيه كما علينا وضع حد للأقلام التي تعيش على الفرقة والطائفية وكلنا دول متجاورة يتمنى الفرد فينا ان يعبر بعجلته بسلام من موريتانيا الى باكستان ومن اليمن الى تركيا بمحبة واخاء سلام، وتوقعي ان بغداد ستفعلها وتجمع كل الفرقاء لتحولهم الى شركاء بالصبر والمثابرة.

حيدر سلمان/ كاتب ومحلل عراقي