أخبار ونشاطات

جغرافية الجنوب والوسط على صفيح ساخن

تكاد تكون اغلب تلك المدن والمحافظات وساكنيها من اكثرها هدوءا واستقرارا ما بعد التاسع من نيسان ولم تألف مشاكل داخلية على المستوى الاجتماعي والحراك الحزبي، خاصة أن هناك ضابطة المرجعية والعقيدة والمظلومية والحرمان التي توحدهم.

ومع اختلاف التوجهات السياسية وكثرة عددها والتوترات التي شهدتها البلاد خاصة في مواجهة التحديات الارهابية وتشكيل اجنحة عسكرية لتلك الحركات كردة فعل والخشية من تهديد وجود محافظاتها حيث كانت تلك التحديات تجمع تلك القوى، غير ان بعد سنوات بدأت الأمور تأخذ منحى تصاعديا باتجاه انشقاق عدد من الحركات واستمرار الانشطار، حتى بلغت حدة التشظي الى الاستعداء داخل تلك التوجهات السياسية ومع اخر تسونامي في تلك المدن حينما شهدت حراك احتجاجي واسع سمي بأحداث تشرين بدأت تلك الجغرافية تلتهب وجميع المضادات الحيوية لم تعالج هذا الالتهاب فما زالت كل الفرق متمسكة بأحقيتها في القيادة من خلال بعض الذرائع والادلة التي تعتقد بها الرأي العام من جانبه وبعد الانتخابات الاخيرة واستمرار الانسداد السياسي وانسحاب التيار الصدري من البرلمان متخوف من حدوث فوضى قادمة تجتاح تلك الجغرافية مشابه لما حدث  في ثمانينات القرن الماضي بلبنان ولذلك كانت تحذيرات المرجعية واضحة بهذا الصدد، وان خطر الفتنة لم ينته بعد ومازال قائما وان الاعداء يفكرون ويخططون لذلك التوتر يخيم على تلك المدن والناس التي تسكنها رغم العلاقات والمصاهرة الموجودة إلا أن الخشية من اندلاع وتيرة احتجاجات كموجة ثانية قد يتم اللجوء فيها الى حمل السلاح.

وهنا الموقف الخارجي لن يسكت وسيتخذ قراره الأخير بشأن عدم صلاحية هذا النظام وقد يذهب الى تدويل الوضع والاجهاز على ماتبقى عليه، وفي كلتا الحالتين هذه الجغرافية ستكون الخاسرة اولا على مستوى البنى التحتية والنسيج الاجتماعي والسلم الأهلي، وما سيحدث وقتها أن يعلن الاقليم كوردستان استقلاله وحق تقرير المصير والذريعة أن الوضع في بغداد لم يعد امنا.

وعلى مستوى جغرافية المحافظات الغربية ستحذو حذوها هي أيضا وبالتالي هنا سيتحقق الهدف القديم لصاحبه الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن بضرورة وجود الدويلات الثلاث وهذا ما تشجعه عدد من الدول الإقليمية

إذن سكان الجنوب والوسط اليوم هم امام تحدي كبير، وما نراه من تصعيد وتحشيد في السوشيال ميديا هي رسائل غير مطمئنة البتة، وحان الوقت لتفعيل عملية سياسية في هذه الجغرافية والعمل على فتح قنوات الحوار واجتماع رصين لممثلي تلك الوجودات السياسية وان يشترط بهم صفة الدبلوماسية والهدوء والعقلنة بعيدا عن التشنج، ولا بأس أن يتم الاتفاق على موعد جديد اخر للانتخابات وإعطاء فرص اخرى مع الاخذ بنظر الاعتبار تلك الملاحظات.

حيدر الموسوي/ كاتب وباحث سياسي